فصل: فصل في المحلى بأل من هذا الحرف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


أخذ المقريزي من هذا الخبر ضعف حزم إمام الحرمين بأن ما خلفه النبي صلى اللّه عليه وسلم باق على ملكه كما كان في حياته فإن الأنبياء أحياء قال‏:‏ وهذا الخبر يرد عليه بل القرآن ناطق بموته قال تعالى ‏{‏إنك ميت وإنهم ميتون‏}‏ وقال إني امرؤ مقبوض ‏(‏تتمة‏)‏ استشكل بعضهم تركيب هذا الحديث فقال‏:‏ أفعل التفضيل يوصل بمن عند تجرده ووصله بها غير ممكن هنا إذ يصير الكلام حياتي خير لكم من مماتي ومماتي خير لكم من حياتي وأجاب المؤلف بأن الإشكال إنما هو من ظن أن خير هنا أفعل تفضيل ولا كذلك فإن لفظة خير لها استعمالان أحدهما أن يراد بها معنى التفضيل ‏[‏ص 401‏]‏ لا الأفضلية وضدها الشر، الثاني أن يراد بها معنى الأفضلية وهي التي توصل بمن وهذه أصلها أخير فحذفت همزتها تخفيفاً فخير في هذا الحديث أريد بها التفضيل لا الأفضلية فلا توصل بمن وليست بمعنى أفضل وإنما المقصود أن في كل من حياته ومماته خيراً لا أن هذا خير من هذا ولا هذا خير من هذا‏.‏

- ‏(‏الحارث‏)‏ ابن أبي أسامة في مسنده ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الحافظ العراقي في المغني‏:‏ إسناده ضعيف أي وذلك لأن فيه خراش بن عبد اللّه ساقط عدم وما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب وقال ابن حبان‏:‏ لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار ثم ساق له أخباراً هذا منها ورواه البزار باللفظ المزبور من حديث ابن مسعود وقال الحافظ العراقي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد بن أبي روّاد وإن خرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي ضعفه بعضهم انتهى فأعجب للمصنف كيف عدل العزو لرواية مجمع على ضعف سندها وأهمل طريق البزار مع كون رجاله رجال الصحيح ووقع له أعني المؤلف في تخريج الشفاء أنه عزا الحديث للحارث من حديث بكر بن عبد اللّه المزني وللبزار وأطلق تصحيحه وليس الأمر كما ذكر‏.‏

3771 - ‏(‏حياتي خير لكم تحدثون‏)‏ بضم المثناة الفوقية أوله بخط المصنف ‏(‏ويحدث‏)‏ بضم الياء وفتح الدال بخطه ‏(‏لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم تعرض عليّ أعمالكم فإذا رأيت خيراً حمدت اللّه وإن رأيت‏)‏ فيها ‏(‏شراً استغفرت لكم‏)‏ أي طلبت لكم مغفرة الصغائر وتخفيف عقوبات الكبائر ومن فوائد الموت أيضاً عرض الملائكة صلاة من صلى عليه والتوجه في آن واحد إلى ما لا يحصى من أمور الأمة ولم يثبت ذلك في الحياة ومن فوائده أيضاً الإثابة بالحزن بموته وتسهيل كل مصيبة بمصيبته والاعتبار به والرحمة الناشئة من اختلاف الأئمة وارتفاع التشديد في التوقير ونحو ذلك‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن بكر بن عبد اللّه‏)‏ المزني بضم الميم وفتح الزاي وكسر النون ‏(‏مرسلاً‏)‏ أرسل عن ابن عباس وغيره قال الذهبي‏:‏ ثقة إمام وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره موصولاً وهو ذهول فقد رواه البزار من حديث ابن مسعود قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح انتهى فأعجب له من قصور من يدعي الإجتهاد المطلق‏.‏ ‏[‏انتهى كلام المناوي، وحمله الشديد هنا بنية حسنة‏:‏ ليبين أن دعوى الاجتهاد المطلق يجب ألا يستهان بشأنها‏.‏ وله أجر حسن نيته‏.‏ والحق أن ادعاء السيوطي للاجتهاد المطلق مختلف فيه، حيث ذكر الإمام الشعراني في مقدمة كشف الغمة أن ذلك كان ادعاء الاجتهاد المطلق ضمن المذهب الشافعي‏؟‏‏؟‏

هذا، وإن وجدت بعض المبالغة عند المناوي في تتبع أسانيد السيوطي وما نقص منها، غير أنه قال في شرح الحديث 6179‏:‏ ‏"‏ولا يقدح عدم الاطلاع على مخرجه في جلالة المؤلف - أي السيوطي - لأنه ليس من شرط الحافظ إحاطته بمخرج كل حديث في الدنيا‏"‏‏.‏ ففي كلام الإمام المناوي هذا غاية الإنصاف، والإقرار العادل بجلالة السيوطي، والتأكيد على عدم اشتراط إحاطة الحافظ بجميع مخرجي الأحاديث‏.‏

هذا بالإضافة إلى أن السيوطي لم يشترط ذلك على نفسه‏.‏

وقليل في الأمة الإسلامية من قام بمثل عمله في جمع الأحاديث، ولا يشترط، كما مر، ذكر جميع أسانيد الأحاديث في جوامعه، والتي تبلغ أكثر من ستة وأربعين ألف حديث‏.‏

فعلينا الأخذ بعلوم السلف والحذو على منهاجهم فيها، مع الإعراض عما شجر بينهم وعدم تقليدهم فيه التقليد الأعمى، بعد تفهم أسباب ذلك ونياتهم الحسنة المحمودة فيه، فلا نقع فيما يقع فيه البعض، وللأسف، من التجرؤ على أكابر علماء الأمة‏.‏ والواقع أن الله قد من على هذه الأمة بأمثال السيوطي والمناوي، حيث قل وجود المصنفات ذات النفع المماثل للجامع الصغير هذا، وشرحه للمناوي‏.‏ فنسأله سبحانه وتعالى أن يجزيهم خير الجزاء وينفعنا النفع الخالص بعلومهم، آمين‏.‏ دار الحديث‏]‏

*2* -  فصل في المحلى بأل من هذا الحرف ‏[‏أي حرف الحاء‏]‏ـ

3772 - ‏(‏الحائض والنفساء إذا أتتا على الوقت‏)‏ الذي يصح فيه الإحرام بنسك ‏(‏تغتسلان‏)‏ غسل الإحرام بنيته حال الحيض أو النفاس مع أن الغسل لا يبيح لهما شيئاً حرمه الحيضان بل يفعلانه تشبهاً بالمتعبدين رجاء مشاركتهم في نيل المثوبة ‏(‏وتحرمان‏)‏ بضم التاء، والإحرام الدخول في النسك ‏(‏وتقضيان‏)‏ أي تؤديان ‏(‏المناسك‏)‏ أي أعمال الحج والعمرة ‏(‏كلها‏)‏ حال الحيض والنفاس ‏(‏غير الطواف‏)‏ أي إلا الطواف ‏(‏بالبيت‏)‏ فرضاً أو نفلاً وإلا ركعتي الطواف والإحرام فإن ذلك لا يصح مع الدم كما هو مبين في الفروع‏.‏

- ‏(‏حم د عن ابن عباس‏)‏‏.‏

3773 - ‏(‏الحاج الشعث‏)‏ مصدر الأشعث وهو المغبر الرأس ‏(‏التفل‏)‏ بمثناة فوقية وكسر الفاء أي الذي ترك استعمال الطيب من التفل وهو الريح الكريه من تفل الشيء من فيه رماه متكرهاً له يعني من هذه صفته فهو الحاج حقيقته الحج المقبول، ‏[‏ص 402‏]‏ فاللائق به كونه أشعث أغبر رث الهيئة غير متزين ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب من المتكبرين المترهفين ويخرج من حزب الصالحين‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ وكذا ابن ماجه خلافاً لما يوهمه إفراد المصنف للترمذي بالعزو ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وكذا رواه عنه أحمد قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح‏.‏

3774 - ‏(‏الحاج الراكب له بكل خف يضعه بعيره حسنة‏)‏ يعني بكل خطوة تخطوها دابته التي يركبها وإنما خص البعير لأن الحاج غالباً إنما يكون عليه وهذا ترغيب عظيم في الحج وبيان لجزيل النوال فيه وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي والماشي له بكل خطوة يخطوها سبعون حسنة انتهى فاقتصاره على بعضه من سوء التصرف وهذا صريح في تفضيل الحج ماشياً وصحح الشافعية مقابله لأدلة أخرى‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ وفيه عبد اللّه بن محمد بن ربيعة قال الذهبي‏:‏ ضعفه ابن عدي ومحمد بن مسلم الطائفي ضعفه أحمد ووثقه غيره‏.‏

3775 - ‏(‏الحاج في ضمان اللّه مقبلاً‏)‏ أي حجه ذاهباً إليه ‏(‏ومدبراً‏)‏ أي راجعاً إلى وطنه يعني هو في حفظه في حال الذهاب والإياب جميعاً وقضية تصرف المصنف أن ذا هو الحديث بكماله بل هو ذهول بل تمامه عند مخرجه الديلمي فإن أصابه في سفره تعب أو نصب غفر اللّه عز وجل له بذلك سيئاته وكان له بكل قدم يرفعه ألف درجة في الجنة وبكل قطرة تصبيه من مطر أجر شهيد اهـ بلفظه فاقتصاره على بعضه بلا موجب تقصير‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي‏.‏

3776 - ‏(‏الحاج والغازي وفد اللّه‏)‏ عز وجل والوفد القوم يجتمعون ويردون البلاد ويقصدون الكبراء للاسترفاد ‏(‏إن دعوه‏)‏ أي سألوه شيئاً ‏(‏أجابوه‏)‏ أي أعطاهم سؤلهم ‏(‏وإن استغفروه‏)‏ أي طلبوا منه غفر ذنوبهم أي سترها ‏(‏غفر لهم‏)‏ حتى الكبائر في الحج وهذا إذا راعوا ما عليهم من الشروط والآداب التي منها كما قال الحرالي استطابة الزاد والاعتماد على رب العباد والرفق بالرفيق والظهير وتحسين الأخلاق والإنفاق في الهدي والإعلان بالتلبية وتتبع الأركان على ما تقتضيه الأحكام وإقامة الشعائر على معلوم السنة لا على معهود العادة وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي قال‏:‏ وفي الباب ابن عمر وغيره‏.‏

3777 - ‏(‏الحاج والمعتمر والغازي في سبيل اللّه‏)‏ لإعلاء كلمة اللّه ‏(‏والمجمع‏)‏ أي مقيم الجمعة ‏(‏في ضمان اللّه دعاهم‏)‏ إلى طاعته ‏(‏فأجابوه وسألوه فأعطاهم‏)‏ إما سألوه ما عينه وإما ما هو خير منه وهو أعلم بما يصلح به عباده‏.‏

- ‏(‏الشيرازي في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

3778 - ‏(‏الحافي أحق بصدر الطريق من المنتعل‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ الحافي الذي لا خف في رجليه ولا نعل انتهى‏:‏ أي فهو أحق بصدر الطريق لأنه أسهل عليه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة ويحيى بن عثمان بن صالح وحديثهما حسن وفيهما ضعف‏.‏

3779 - ‏(‏الحباب‏)‏ بالضم والتخفيف ‏(‏شيطان‏)‏ أي هو اسم شيطان من الشياطين قال الزمخشري‏:‏ اشترك الشيطان والحية في ‏[‏ص 403‏]‏ اسم الحباب كما اشتركا في الشيطان والحبان وابن فترة‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن عروة‏)‏ بن الزبير العالم المتقن الثقة ‏(‏وعن الشعبي‏)‏ عامر بن شراحيل ‏(‏وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم‏)‏ الأنصاري قاضي المدينة وأميرها ‏(‏مرسلاً‏)‏ ظاهره أنه لم يقف عليه مسنداً وهو قصور فقد رواه الطبراني من حديث خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال‏:‏ دخلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لأبي‏:‏ هذا ابنك قال‏:‏ نعم قال‏:‏ ما اسمه قال‏:‏ الحباب قال‏:‏ لا تسمه الحباب فإن الحباب شيطان‏.‏

3780 - ‏(‏الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء إلا الموت‏)‏ قيل‏:‏ هذا من العام المراد به الخاص والمراد كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم لأنها حارة يابسة‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم في الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن بريدة‏)‏ بن الحصيب ورواه الطبراني عن أسامة بن زيد قال الهيثمي‏:‏ ورجاله ثقات‏.‏

3781 - ‏(‏الحجامة في الرأس هي المغيثة‏)‏ أي تسمى المغيثة من الأمراض والأدواء ‏(‏أمرني بها جبريل حين أكلت طعام اليهودية‏)‏ يعني الشاة التي سمتها له زينب اليهودية بخبير وقالت‏:‏ إن كان نبياً لم يضره وإلا استرحنا منه، قيل‏:‏ قتلها وقيل‏:‏ لا‏.‏ وجمع‏:‏ بأنه عفى عنها من حق نفسه فلما مات بعض صحبه من أكله منها قتلها به والحجامة إخراج الدم من صفحة القفا لا بالفصد ورد في حديث أن الملائكة أمرت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن يأمر بالحجامة قال التوربشتي‏:‏ ووجه مبالغة الملائكة فيها سوى ما عرفوا فيها من المنفعة التي تعود إلى الأبدان أن الدم مركب من القوى النفسانية الحائلة بين العبد وبين الترقي إلى ملكوت السماوات والوصول إلى الكشوف الروحانية وبغلبته يزداد جماح النفس وصلابتها فإذا نزف الدم أورثها ذلك خضوعاً وخموداً وليناً ورقة وبذلك تنقطع الأدخنة الناشئة من النفس الأمارة وتنحسم مادتها فتزداد البصيرة نوراً إلى نورها‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

3782 - ‏(‏الحجامة في الرأس يوم الثلاثاء لسبع عشرة‏)‏ تمضي ‏(‏من الشهر‏)‏ أي شهر كان ‏(‏دواء لداء سنة‏)‏ أي لما يحدث في تلك السنة من الأمراض وفي خبر احتجموا يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي صرف فيه عن أيوب البلاء ونص الأطباء على أن الحجامة في وسط الشهر أولى وبعد وسطه وبالجملة في الربع الثالث من أرباع الشهر لأن الدم حينئذ يكون في نهاية التزايد بخلافه في أوله وآخره‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات والديلمي ‏(‏طب عد‏)‏ من حديث زهير بن عباد عن سلام الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة ‏(‏عن معقل بن يسار‏)‏ قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني‏:‏ فيه زيد بن أبي الحواري العمي وهو ضعيف وقد وثقه الدارقطني وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ‏.‏ وقال ابن جرير‏:‏ هذا عندنا خبر واه لا يثبت في الدين بمثله حجة ولا نعلمه يصح لكن روي من كلام بعض السلف وقال ابن الجوزي‏:‏ موضوع وسلام وشيخه متروكان‏.‏ وقال الذهبي في الضعفاء‏:‏ سلام الطويل تركوه باتفاق وزيد العمي ضعيف متماسك‏.‏

3783 - ‏(‏الحجامة في الرأس‏)‏ تنفع ‏(‏من الجنون والجذام والبرص والأضراس‏)‏ أي وجعها ‏(‏والنعاس‏)‏ أي تذهبه أو تخففه وإطلاق الرأس هنا قد ورد تقييده في خبر آخر بغير نقرة الرأس فإن الحجامة فيها تورث النسيان كما في الفردوس عن أنس ‏[‏ص 404‏]‏ مرفوعاً‏.‏

- ‏(‏عق عن ابن عباس طب وابن السني في الطب‏)‏ أي النبوي ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه مسلمة ابن سالم الجهيني ويقال مسلم بن سالم وهو ضعيف وفيه عند الطبراني إسماعيل بن شبيب أو ابن شيبة الطائفي قال في الميزان واه وأورد له مما أنكر عليه هذا الحديث وقال‏:‏ قال النسائي منكر الحديث وفي اللسان عن ابن عدي أحاديثه غير محفوظة‏.‏

3784 - ‏(‏الحجامة في الرأس شفاء من سبع‏)‏ أي من سبعة أدواء ‏(‏إذا ما نوى صاحبها‏)‏ بها الاستشفاء بنية صالحة صادقة ‏(‏من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينه‏)‏ قال الأطباء‏:‏ الحجامة في وسط الرأس نافعة جداً قال ابن حجر‏:‏ وقد ثبت أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فعلها وورد أنه احتجم في الأخدعين والكاهل خرجه الترمذي وحسنه وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه وذكر الأطباء أن الحجامة على الأخدعين شفاء من أمراض الرأس والوجه والأذنين والعينين والأسنان والأنف والحلق وتنوب عن فصد القيفال والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس وعلى ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وتنفع من قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث وحكة الأنثيين وعلى أسفل الصدر تنفع دماميل الفخذ وجربه وبثوره والنقرس والبواسير وداء الفيل وحكة الظهر ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادف وقت الاحتياج والحجامة على المقعدة تنفع الأمعاء وفساد الحيض‏.‏

- ‏(‏طب وأبو نعيم‏)‏ في الطب وكذا ابن عدي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عمر بن رباح العبدي وهو متروك وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح وقال في الفتح‏:‏ حديث ضعيف وعمر بن رباح أحد رواته متروك رماه الفلاس وغيره بالكذب‏.‏

3785 - ‏(‏الحجامة على الريق‏)‏ أي قبل الفطر ‏(‏أمثل وفيها شفاء وبركة‏)‏ أي زيادة في الخير ‏(‏وتزيد في الحفظ وفي العقل فاحتجموا على بركة اللّه يوم الخميس‏)‏ لفظ رواية الحاكم بعد قوله وبركة وهي تزيد في العقل وتزيد الحافظ حفظاً فمن كان محتجماً فليحتجم يوم الخميس ‏(‏واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة والسبت والأحد واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى اللّه فيه أيوب نبيه ‏(‏من البلاء‏)‏ الذي ابتلاه به قال الطيبي‏:‏ ظاهره يخالف الحديث المار أن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ ولعله أراد به يوماً مخصوصاً وهو سابع عشر الشهر كما في حديث معقل المذكور ‏(‏واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي ابتلى فيه أيوب‏)‏ أي كان ابتداء إبلائه فيه ‏(‏وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو في ليلة الأربعاء‏)‏ في الموجز من فوائد الحجامة تنقية العضو وقلة استفراغ جوهر الروح وهي على الساقين تقارب العضد وتدر الطمث وتصفي الدم وعلى القفا لنحو رمد وبخر قلاع وصداع خاصية ما كان في مقدم الرأس لكنها تورث النسيان قال ابن القيم‏:‏ وتكره على الشبع لأنها تورث أمراضاً‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الطب ‏(‏وابن السني وأبو نعيم‏)‏ معاً في الطب النبوي ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ولم يصححه الحاكم وقال الذهبي‏:‏ فيه عطاف وثقه أحمد وغيره وقال أبو حاتم‏:‏ ليس بذلك ‏[‏ص 405‏]‏ انتهى وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ لا يصح من جمع طرقه‏.‏

3786 - ‏(‏الحجامة تنفع من كل داء‏)‏ من أدواء البدن ‏(‏ألا‏)‏ بالتخفيف حرف تنبيه ‏(‏فاحتجموا‏)‏ أمر إرشاد لمن لاق بحاله ومرضه وقطره الحجامة قالوا خاطب بالحجامة أهل الحجاز ومن في معناهم من ذوي البلاد الحارة فإن دماءهم رقيقة تميل إلى ظاهر البدن بجذب الحرارة الخارجة بها إلى سطح البدن‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ وفيه محمد بن حمدان قال الذهبي في الذيل‏:‏ قال أبو أحمد الحاكم‏:‏ رأيتهم يكذبونه‏.‏

3787 - ‏(‏الحجامة يوم الأحد شفاء‏)‏ من الأمراض وتخصيص يوم الأحد لسر علمه الشارع‏.‏

- ‏(‏فر عن جابر بن عبد الملك ابن حبيب في الطب النبوي عن عبد الكريم‏)‏ بن الحارث ‏(‏الحضرمي‏)‏ بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء نسبة إلى حضرموت من أقصى بلاد اليمن ‏(‏معضلاً‏)‏ هو المصري العامد واعلم أن الديلمي خرج الحديث في الفردوس من حديث جابر مرفوعاً فاقتصار المصنف على رواية إعضاله تقصير أو قصور ثم إن فيه المنكدر بن محمد قال الذهبي‏:‏ اختلف قول أحمد وابن معين فيه وقد وثق‏.‏

3788 - ‏(‏الحجامة تكره‏)‏ تنزيهاً كراهة إرشادية لا شرعية ‏(‏في أول الهلال ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال‏)‏ لأن الأخلاط في أول الشهر لا تكون تحركت وهاجت وفي وسطه تكون هائجة تابعة في مزيدها لتزايد النور في جرم القمر‏.‏

- ‏(‏ابن حبيب‏)‏ في الطب النبوي ‏(‏عن عبد الكريم الحضرمي معضلاً‏)‏‏.‏

3789 - ‏(‏الحجاج والعمار‏)‏ أي المعتمرون قال الزمخشري‏:‏ لم يجئ فيما أعلم عمر بمعنى اعتمر لكن عمر اللّه إذا عبده فيحتمل أن يكون العمار جمع عامر من عمر بمعنى اعتمر وإن لم نسمعه ولعل غيرنا سمعه وأن يكون مما استعمل منه في بعض التصاريف دون بعض كما قيل يذر ويدع ‏(‏وفد اللّه دعاؤهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم‏)‏ ساء لهم وهذا في حج مبرور وعمرة كذلك كما مر التنبيه عليه قال الزمخشري‏:‏ والوفد الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترقاد وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في المسند ‏(‏عن جابر‏)‏ ابن عبد اللّه قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

3790 - ‏(‏الحجاج والعمار وفد اللّه يعطيهم ما سألوه ويستجيب لهم ما دعوا ويخلف عليهم ما أنفقوا‏)‏ في الحج والعمرة ‏(‏الدرهم‏)‏ الواحد ‏(‏ألف ألف‏)‏ درهم لأن الحج أخو الجهاد في المشقة والنزوح عن الوطن والأجر على قدر النصب ومن ثم سماه النبي صلى اللّه عليه وسلم أحد الجهادين وضم إليه العمرة التي هي الحج الأصغر لمشاركتها في إظهار فخاره وإعلاء مناره‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث ثمامة البصرى عن ثابت ‏(‏عن أنس‏)‏ ثم قال‏:‏ أعني البيهقي ثمامة غير قوي اهـ فحذف المصنف لذلك من كلامه غير صواب وثمامة هذا قال أبو حاتم‏:‏ منكر الحديث وفيه أيضاً محمد بن عبد اللّه بن سليمان أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن منده مجهول‏.‏

‏[‏ص 406‏]‏ 3791 - ‏(‏الحجاج والعمار وفد اللّه إن سألوا أعطوا‏)‏ بالبناء للمجهول أي أعطاهم اللّه ‏(‏وإن دعوا أجابهم‏)‏ إلى ما طلبوه ‏(‏وإن أنفقوا‏)‏ المال ‏(‏أخلف لهم‏)‏ ما أنفقوه ‏(‏والذي نفس أبي القاسم بيده‏)‏ أي بقدرته وتصرفه ‏(‏ما كبر مكبر‏)‏ في حج أو عمرة ‏(‏على نشز‏)‏ بنون وشين معجمة وزاي أي ارتفع على رابية في سفره ‏(‏ولا أهل مهل على شرف‏)‏ بالتحريك أي محل عال ‏(‏من الأشراف‏)‏ أي من الأماكن العالية ‏(‏ألا أهل ما بين يديه‏)‏ أي أمامه وعن يمينه وشماله ومدر وغيرهما ‏(‏وكبر‏)‏ كل ذلك ويستمر ذلك كذلك ‏(‏حتى تنقطع به منقطع التراب‏)‏ في المصباح منقطع الشيء بصيغة اسم مفعول حيث ينتهي طرفه كمنقطع الوادي والرمل والطريق والمنقطع بالكسر الشيء بنفسه فهو اسم عين والمفتوح اسم معنى‏.‏

- ‏(‏هب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وفيه بكر بن بكار أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي‏:‏ غير ثقة ومحمد أبي حميد قال الذهبي‏:‏ ضعفوه‏.‏

3792 - ‏(‏الحج‏)‏ قال الحرالي‏:‏ وهو حشر الخلائق من الأقطار للوقوف بين يدي الغفار في خاتمة منيتهم ومشارفة وفاتهم لتكون لهم آمنة من حشر ما بعد مماتهم فكمل به بناء الدين وفرض في آخر سني الهجرة اهـ ‏(‏سبيل اللّه تضعف فيه النفقة بسبع مئة ضعف‏)‏ فيه إعلام بفضيلة النفقة في الحج الأكبر والأصغر يلحق به وهو العمرة وبيان عظيم فضله كيف وقد جعلت مواقفه أعلاماً على الساعة والحج آية الحشر وأهل الحشر ‏{‏لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه‏}‏‏.‏

- ‏(‏سمويه عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الطبراني والديلمي بلفظ الحج من الجهاد ونفقته تضاعف سبع مئة ضعف‏.‏

3793 - ‏(‏الحج المبرور‏)‏ أي المقابل بالبر ومعناه المقبول وهو الذي لا يخلطه شيء من الإثم ومن علامة القبول أنه برجع خيراً مما كان ولا يعاود والمعاصي ‏(‏ليس له جزاء إلا الجنة‏)‏ أي إلا الحكم له بدخول الجنة فلا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخلها أي مع السابقين أو بغير عذاب وإلا فكل مؤمن يدخلها وإن لم يحج ‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس حم عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن ثابت وهو ضعيف اهـ وقضية تصرف المصنف أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وإلا لما ساغ له العدول عنه وهو ذهول فقد رواه الشيخان باللفظ المزبور وزادا عقبه والعمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما اهـ بلفظه‏.‏

3794 - ‏(‏الحج عرفة‏)‏ مبتدأ وخبر على تقدير مضاف من الجانبين أي معظمه أو ملاكه الوقوف بها لفوت الحج بفوته ذكره البيضاوي وقال الطيبي‏:‏ تعريفه للجنس وخبره معرفة فيفيد الحصر نحو ‏{‏ذلك الكتاب‏}‏ ‏(‏من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة الجمع‏)‏ أي ليلة المزدلفة وهي ليلة العيد سميت ليلة جمع لأنه يجمع صلواتها ‏(‏فقد أدرك الحج‏)‏ أي من أدرك الوقوف ليلة النحر قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج لأن وقت الوقوف بعرفة من زوال يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر وبه قال عامة العلماء وقال مالك‏:‏ من فاته الوقوف نهاره فاته الحج ‏(‏أيام منى ثلاثة‏)‏ هي الأيام المعدودات وأيام التشريق ورمي الجمار وهي الثلاثة بعد النحر ‏(‏فمن تعجل‏)‏ النفر ‏(‏في يومين‏)‏ أي اليومين الأولين ‏(‏فلا إثم عليه‏)‏ في تعجيله وسقط ‏[‏ص 407‏]‏ عنه مبيت الليلة الثالثة ورمى اليوم الثالث وتعجل جاء لازماً ومتعدياً ‏(‏ومن تأخر‏)‏ عن النفر في الثاني من التشريق إلى الثالث حتى نفر فيه ‏(‏فلا إثم عليه‏)‏ في تأخيره بل هو أفضل والتخيير هنا وقع بين الفاضل والأفضل‏.‏

- ‏(‏حم 4 ك‏)‏ كلهم في الحج ‏(‏هق‏)‏ كلهم ‏(‏عن عبد الرحمن بن يعمر‏)‏ بفتح المثناة التحتية وسكون المهملة وفتح الميم الديلي بكسر الدال المهملة وسكون التحتية صحابي نزل الكوفة قال‏:‏ إن ناساً من أهل نجد أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعرفة فسألوه فأمر منادياً فنادى الحج عرفة ولم يضعفه أبو داود‏.‏

3795 - ‏(‏الحج والعمرة فريضتان‏)‏ رواه الحاكم في رواية على الناس كلهم إلا أهل مكة فإن عمرتهم طوافهم ‏(‏لا يضرك بأيهما بدأت‏)‏ أي بالحج أو بالعمرة واعلم بأنه قد قام إجماع الأمة على ما نطق به هذا الحديث من فريضة الحج وذلك لأن الاستطاعة صفة موجودة بالمطيع وهي القدرة فكل من قدر على الوصول بحوله وقوته اللذين خلقهما اللّه له في ذاته فهو قادر مستطيع ومن لم يقدر على ذلك بحوله وقوته لكن يقدر بحيلته وهي تحصيل الأسباب بالمال ففيه خلاف بين الأئمة والجمهور على اللزوم لأنه مطيق بوجه من الإطاقة اعتبره الشرع وجعله بمنزلة القدرة القائمة بالذات في عبادات الشرع كلها من الطهارة في الصلاة وسننها فكذا الحج وأما العمرة فأخذ أحمد والشافعي بقضية هذا الحديث فأوجباها وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ لا تجب‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ وكذا الدارقطني ‏(‏عن زيد بن ثابت‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ سنده ضعيف والمحفوظ عن زيد بن ثابت موقوف أخرجه البيهقي بسند صحيح اهـ‏.‏ ‏(‏فر‏)‏ في الحج ‏(‏عن جابر‏)‏ وقال‏:‏ الصحيح موقوف وقال الذهبي في التنقيح‏:‏ هذا الحديث إسناده ساقط‏.‏

3796 - ‏(‏الحج جهاد كل ضعيف‏)‏ لأن الجهاد تحمل الآلام بالبدن والمال وبذل الروح والحج تحمل الآلام بالبدن وبعض المال دون الروح فهو جهاد أضعف من الجهاد في سبيل اللّه فمن ضعف عن الجهاد لعذر فالحج له جهاد‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ وكذا أحمد والقضاعي من حديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ قال السخاوي‏:‏ ورجاله ثقات يحتج بهم في الصحيح لكن لا يعرف لأبي جعفر من أم سلمة اهـ وبما ذكره صرح الترمذي فإنه أورده في العلل عن أم سلمة اهـ‏.‏ ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال‏:‏ إنه مرسل لأنه من حديث محمد بن علي عن أم سلمة وهو لم يدركها اهـ‏.‏

3797 - ‏(‏الحج جهاد‏)‏ كتب المصنف على الحاشية في رواية فريضة ‏(‏والعمرة تطوع‏)‏ تمسك به من لم يوجب العمرة وقال‏:‏ هي مندوبة والشافعي كالجمهور علي الوجوب لأدلة أخرى‏.‏

- ‏(‏ه عن طلحة بن عبيد اللّه طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب وقال الذهبي في المهذب‏:‏ متروك وفي المطامح‏:‏ فيه ماهان ضعيف وقال ابن حبان وابن حجر خرجه ابن ماجه عن طلحة وهو ضعيف والبيهقي عن ابن عباس وقال‏:‏ لا يصح من ذلك شيء‏.‏

3798 - ‏(‏الحج قبل التزويج‏)‏ كذا هو بخط المصنف وفي نسخ التزوج بدون الياء ولا أصل له في نسخته أي هو مقدم عليه لاحتمال أن يشغله التزوج عنه وذهب ذاهبون إلى أن الأولى تقديم التزوج على الحج ليكون فكرة مجتمعاً تمسكاً بأدلة أخرى وكأنهم لم يبالوا بهذا الحديث لشدة ضعفه إن سلم عدم وضعه ولهذا قال ابن المنير عند قول البخاري باب من أحب أن يتزوج قبل الغزو ما نصه يستفاد منه الرد على العامة في تقديمهم الحج على الزواج ظناً منهم أن ‏[‏ص 408‏]‏ التعفف إنما يتأكد بعد الحج بل الأولى أن يتعفف ثم يحج هذه عبارته وحكاه عنه ابن حجر وأقره ولو كان في الحديث نوع تماسك لما ساغ لهما التعبير بهذه العبارة‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ وفيه غياث بن إبراهيم قال الذهبي‏:‏ تركوه وميسرة ابن عبد ربه قال الذهبي‏:‏ كذاب مشهور‏.‏

3799 - ‏(‏الحجر الأسود‏)‏ ويسمى الركن الأسود وهو ركن الكعبة الذي في الباب من جانب الشرق وارتفاعه من الأرض الآن ذراعان وثلث ذراع على ما ذكره الأزرقي وبينه وبين المقام ثمانية وعشرون ذراعاً ‏(‏من الجنة‏)‏ حقيقة أو بمعنى أنه لما له من الشرف واليمن يشارك جواهر الجنة فكأنه منها قال القاضي‏:‏ لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منها مسوداً فكيف بقلوبهم أو من حيث أنه مكفر للخطايا محاء للذنوب كأنه من الجنة ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم كان ذا بياض شديد فسودته الخطايا هذا وإن احتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلاً ولا سمعاً واله أعلم بالحقائق قال المظهر‏:‏ وفي الحديث فوائد منها امتحان إيمان الرجل فإن كان كاملاً يقبل هذا فلا يتردد وضعيف الإيمان يتردد والكافر ينكر ومنها التخويف فكان الرجل إذا علم أن الذنوب تسود الحجر يحترز منه لئلا يسود بدنه بشؤمه ومنها التحريض على التوبة ومنها الترغيب في مسح الحجر لتنقل الذنوب إليه قال ابن العربي‏:‏ هذا لا يؤمن به إلا من كان سنياً والقدرية تنكره من وجهين أحدهما أن الجنة بعد لم تخلق، الثاني أنه زاد في عدة أخبار أن الخطايا تسوده وهي لا تسود ولا تبيض حقيقة ولا توليداً وقد أقمنا الأدلة الواضحة على أن الجنة مخلوقة الآن وأن تعلق السواد بالأبيض والبياض في الأسود غير مستنكر في القدرة‏.‏

- ‏(‏حم عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏ن عن ابن عباس‏)‏‏.‏

3800 - ‏(‏الحجر الأسود من حجارة الجنة‏)‏ يحتمل ما تقرر من الحقيقة أو المجاز ويحتمل أيضاً أن معناه بعد خراب هذا العالم ينقل إلى الجنة فيكون فيها تشريفاً له‏.‏

في تذكره المقريزي عن ابن جبير أن ارتفاع الكعبة بين الركن اليماني والحجر الأسود سبع وعشرون ذراعاً وسائر الجوانب ثمان وعشرون بسبب انصباب السطح إلى الميزاب وارتفاع الباب من الأرض أحد عشر شبراً ونصفاً وغلظ الحائط الذي ينطوي عليه الباب خمسة أشبار وقام البيت على ثلاثة أعمدة بين كل عمودين أربع خطا ومن الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن اليماني أربعة وخمسون شبراً ومن اليماني إلى الشامي ثمانية وأربعون شبراً ودور الحجر من الركن إلى الركن أربعون خطوة وهي مئة وعشرون شبراً ومن جدار البيت وسط صحن الحجر إلى جدار الحجر أربعون شبراً وعمق بئر زمزم أحد عشر قامة وعمق الماء سبع قامات ودور البئر أربعون شبراً وارتفاع سور البئر أربعة أشبار ونصف وفي الحجر الأسود على يمين المستلم له نقطة بيضاء صغيرة مشرقة تلوح كأنها خال في تلك الصفحة وفي هذه الشامة البيضاء أثران النظر إليهما يجلو البصر اهـ‏.‏

- ‏(‏سمويه عن أنس‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أنس وكذا الطبراني في الأوسط والبزار والسند ضعيف‏.‏

3801 - ‏(‏الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك‏)‏ حقيقة أو مجازاً للمبالغة في التعظيم وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض مسوداً ولأنه من حيث كونه مكفراً للخطايا كأنه منها ومن كثرة ‏[‏ص 409‏]‏ تحمله لأوزارنا كأنه ذو بياض فسودته الذنوب قال الطبري‏:‏ وفي بقائه أسود عبرة لمن تبصر فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر ففي القلب أشد وروى الجنيد في فضائل مكة بسند ضعيف عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة‏.‏

- ‏(‏حم عد هب عن ابن عباس‏)‏‏.‏

3802 - ‏(‏الحجر الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره وكان أبيض كالماء‏)‏ أي في صفائه وإلا فهو لا لون له على الأصح ‏(‏ولولا ما مسه من رجس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برئ‏)‏ فيه التحريض على التوبة والتحذير من شؤم الذنوب والترغيب في مس الحجر لينالوا بركته فتنتقل ذنوبهم من أبدانهم إليه ذكره القاضي‏.‏

في الروض عن الزبير بن بكار حكمة كون الخطايا سودته دون غيره من حجارة الكعبة وأستارها إلى العهد الذي أخذه اللّه على ذرية بني آدم أن لا يشركوا به كتبه في صك وألقمه الحجر الأسود كما ورد في رواية فالعهد الذي فيه هي الفطرة التي فطر الناس عليها من التوحيد وكل مولود يولد على ذلك الميثاق حتى يسود قلبه بالشرك لما حال عن العهد فصار ابن آدم محلاً لذلك العهد والحجر محلاً لما كتب فيه العهد فتناسب فاسود قلب ابن آدم من الخطايا بعد ما ولد عليه من ذلك العهد واسود الحجر بعد بياضه وكانت الخطايا سبب في ذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير‏.‏

3803 - ‏(‏الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحد‏)‏ في المقدار ‏(‏يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا‏)‏ قال المظهر‏:‏ لما كان الياقوت من أشرف الأحجار كان بعد ما بين ياقوت هذه الدار الفانية وياقوت الجنة أكثر ما بين الياقوت وغيره من الأحجار أعلمنا أنه من ياقوت الجنة ليعلم أن المناسبة الواقعة بينه وبين أجزاء الأرض في الشرف والخاصية كما بين ياقوت الجنة وسائر الأحجار‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ هذا ليس بتشبيه ولا استعارة بل من قبيل القلم أحد اللسانين فمن في من ياقوت بيانية والياقوت نوعان متعارف وغيره وذا من غير المتعارف ولذلك أثبت له ما ليس للمتعارف‏.‏

في البخاري أن عمر قبَّل الحجر وقال‏:‏ إني أعلم أنك لا تضرّ ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبلك ما قبلتك فقيل‏:‏ إنما قال ذلك لأنه لم يبلغه هذا الخبر ونحوه وقال الطبري‏:‏ إنما قاله لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأوثان فخاف أن يطنَّ الجاهل أنَّ استلامه تعظيم للأحجار كما كانوا يفعلونه في الجاهلية فأعلمهم بأن استلامه إنما هو اتباع وأنه لا يضر ولا ينفع بذاته بل بأمر اللّه‏.‏

- ‏(‏ابن خزيمة عن ابن عباس‏)‏‏.‏

3804 - ‏(‏الحجر يمين اللّه في الأرض يصافح به عباده‏)‏ أي هو بمنزلة يمينه ومصافحته فمن قبله وصافحه فكأنما صافح اللّه وقبل يمينه‏.‏

- ‏(‏خط وابن عساكر‏)‏ في تاريخ دمشق ‏(‏عن جابر‏)‏ قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح فيه إسحاق بن بشير كذبه ابن أبي شيبة وغيره وقال الدارقطني‏:‏ هو في عداد من يضع وقال ابن العربي‏:‏ هذا حديث باطل فلا يلتفت إليه‏.‏

3805 - ‏(‏الحجر يمين اللّه‏)‏ أي يمنه وبركته أو من باب الاستعارة التمثيلية إذ من قصد ملكاً أمَّ بابه ‏(‏فمن مسحه فقد بايع ‏[‏ص 410‏]‏ اللّه‏)‏ أي صار بمنزلة من بايعه كما تقرر واعلم أن هذا الحديث لم أر الديلمي ذكره بهذا السياق بل لفظه الحجر يمين اللّه فمن مسح يده على الحجر فقد بايع اللّه عز وجل أن لا يعصيه‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ وفيه علي ابن عمر العسكري أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ صدوق ضعفه البرقاني والعلاء بن سلمة الرواس قال الذهبي‏:‏ متهم بالوضع ‏(‏الأزرقي‏)‏ في تاريخ مكة ‏(‏عن عكرمة‏)‏ مولى ابن عباس موقوفاً‏.‏

3806 - ‏(‏الحجر الأسود نزل به ملك من السماء‏)‏ هذا يبعد إرادة المجاز ويقرب الحقيقة ‏(‏تتمة‏)‏ قال المصنف في الساجعة الحجر الأسود بتقبيله تبيض الوجوه ويسعد من يؤمه ويرجوه هو يمين اللّه في بلاده يصافح بها من أمه من عباده عنده تنسكب العبرات وتذهب الحسرات‏.‏

طف واستلم ركنا لأشرف منزل * واخضع وذل تفز بكل مؤمل

- ‏(‏الأزرقي‏)‏ في تاريخ مكة ‏(‏عن أبيِّ‏)‏ بن كعب‏.‏

3807 - ‏(‏الحدة تعتري خيار أمتي‏)‏ أي تمسهم وتعرض لهم النشاط والسرعة في الأمر والمراد هنا الصلابة في الدين‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا أبو يعلى والديلمي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ لا يصح وفيه آفات سلام الطويل متروك والفضل بن عطية والبلاء فيه منه‏.‏

3808 - ‏(‏الحدة تعتري حملة القرآن‏)‏ وفي رواية للديلمي جماع القرآن ‏(‏لعزة القرآن في أجوافهم‏)‏ فيحملهم ذلك على المبادرة بالحدة قهراً فينبغي للواحد منهم الاستقامة في نفسه وكفها عن التعزز بسطوة القرآن لأن العزة للرب الأعلى لا للعبد الأدنى ذكره الحرالي‏.‏

- ‏(‏عد عن معاذ‏)‏ بن جبل وفيه وهب بن وهب بن كثير قال في الميزان‏:‏ قال ابن معين يكذب وقال أحمد‏:‏ يضع ثم سرد له أخباراً أختمها بهذا ثم قال‏:‏ وهذه أحاديث مكذوبة‏.‏

3809 - ‏(‏الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي‏)‏ أي خيارهم والمراد أمة الإجابة وذا غالبي بشاهد المشاهدة ‏(‏وأبرارها ثم تفيء‏)‏ أي ترجع يقال إذا رجع يعني فلا تجاوزهم إلى غيرهم‏.‏

‏[‏وقد يعني‏:‏ ثم تخف هذه الحدة، كما ورد في الحديث 3977‏:‏ ‏"‏خيار أمتي أحداؤهم، الذين إذا غضبوا رجعوا‏"‏‏.‏ وانظر شرح الحديث 3808، والله أعلم‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏فر‏)‏ من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي ‏(‏عن أنس‏)‏ وبشر هذا قال الذهبي‏:‏ قال الدارقطني متروك‏.‏

3810 - ‏(‏الحديث عني ما تعرفون‏)‏ أي الذي تعرفونه بأن تلين له قلوبكم وأبشاركم كما يفسره الخبر السابق والمراد إذا حدث عني بحديث فإن عرفته قلوبكم فهو حديثي الحق وإلا فلا‏.‏

- ‏(‏فر عن علي‏)‏ أمير المؤمنين وفيه صالح بن كيسان أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ثقة رمي بالقدر ولم يصح عنه ورواه أيضاً الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي‏:‏ وفيه روح ابن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وضعفه ابن عدي وبقية رجاله ثقات‏.‏

3811 - ‏(‏الحرائر صلاح البيت والإماء فساد البيت‏)‏ لأن الإماء مبتذلات خارجات غالباً والحرة إذا تعودت ملازمة ‏[‏ص 411‏]‏ الخدر لا يقوم بإصلاح شأن الرجل وإقامة ناموس نظامه إلا هي قال الشاعر‏:‏

إذا لم يكن في منزل المرء حرة * تدبره ضاعت عليه مصالحه

- ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ قال السخاوي وغيره‏:‏ وفيه متروك‏.‏

3812 - ‏(‏الحرب خدعة‏)‏‏[‏ بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال وبضمها مع فتح الدال والأول أفصح وأصل الخدع إظهار أمر وإضمار خلافه يعني الحرب الكامل إنما هو المخادعة لا المواجهة وحصول الظفر مع المخادعة بغير حظر وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز قال ابن العربي‏:‏ الخداع في الحرب يقع بالتعويض وبالكمين ونحو ذلك وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة ولهذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث وهو كقوله الحج عرفة‏]‏ بفتح فسكون أو فضم أي هي خدعة واحدة من تيسرت له حق له الظفر وبضم فسكون أي هي خداعة للمرء بما تخيل إليه وتمنيه فإذا لابسها وجد الأمر بخلاف ما تخيله وبضم ففتح كهمزة ولمزة صيغة مبالغة وبفتحتين جمع خادع وبكسر فسكون أي تخدع أهلها أو هي محل الخداع وموضعه ومظنته قال النووي‏:‏ وأفصح اللغات فيها فتح الخاء وسكون الدال وهي لغة النبي قيل‏:‏ والتاء للدلالة على الوحدة أو الخداع إن كان من المسلمين فكأنه حضهم على ذلك ولو مرة واحدة أو الكفار فكأنه حذرهم من مكرهم ولو وقع مرة فلا ينبغي التهاون بهم لما ينشأ عنه من المفسدة وقال العسكري‏:‏ أراد بالحديث أن المماكرة في الحرب أنفع من الطعن والضرب والمثل السائر إذا لم تغلب فاخلب أي اخدع وهذا قاله في غزوة الخندق لما بعث نعيم بن مسعود مخذلاً بين قريش وغطفان واليهود ذكره الواقدي وتكون بالتورية واليمين وإخلاف الوعد قال النووي‏:‏ اتفقوا على حل خداع الكفار في الحرب كيف كان حيث لا نقض عهد ولا أمان فينبغي قدح الفكر وإعمال الرأي في الحرب حسب الاستطاعة فإنه فيها أنفع من الشجاعة وهذا الحديث قد عد من الحكم والأمثال قال الحرالي‏:‏ والحرب مدافعة بشر عن اتساع المدافع بما يطلب منه الخروج فلا يسمح به ويدافع عنه بأشد مستطاع‏.‏

- ‏(‏حم ق د ت‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏ق عن أبي هريرة حم عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏د عن كعب‏)‏ بن مالك الأنصاري ‏(‏ه عن ابن عباس وعن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ إن نعيم بن مسعود قال‏:‏ يا نبي اله إني أسلمت ولم أعلم قومي بإسلامي فمرني بما شئت فقال‏:‏ إنما أنت فينا كرجل واحد فخادع إن شئت فإنما الحرب خدعة ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن الحسين بن علي طب عن الحسين‏)‏ بن علي ‏(‏وعن زيد بن ثابت وعبد اللّه بن سلام وعوف بن مالك‏)‏ قال‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قلما أراد سفراً أو غزوة إلا وارى بغيرها قال‏:‏ وكان يقول الحرب خدعة ‏(‏وعن نعيم بن مسعود‏)‏ الأشجعي ‏(‏وعن النواس بن سمعان‏)‏ الكلابي الصحابي ‏(‏ابن عساكر عن خالد بن الوليد‏)‏ وهو متواتر‏.‏

3813 - ‏(‏الحرير ثياب من لا خلاق له‏)‏ أي من لا حظ له ولا نصيب في الآخرة والخلاق النصيب الوافر والمراد الرجال العقلاء‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ ورواه عنه الديلمي ثم قال‏:‏ وفي الباب حفصة وأبو هريرة‏.‏

‏[‏ص 412‏]‏ 3814 - ‏(‏الحريص‏)‏ هو ‏(‏الذي يطلب المكسبة من غير حلها‏)‏ فمن طلبها من وجه حل لا يسمى حريصاً بل حازماً عاقلاً فإن اللّه خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في المكاسب فإن فضيلة القوة الشهوية تطالبه بالمكاسب التي تنميه وفضيلة القوة الغضبية تطالبه بالمجاهدات التي تحميه وفضيلة القوة الفكرية تطالبه بالعلوم التي تهديه فحقه أن يتأمل قوته فيسعى بحسبها فإذا كانت قوته لاكتساب المال واكتسبه من وجه حل لا يسمى حريصاً بل هو محمود على ذلك إذ الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية وكل هيئة بل كل عضو ترك واستعماله يبطل كالعين إذا غمضت واليد إذا عطلت ولذلك وضعت الرياضة في كل شيء ولما جعل اللّه للإنسان قوة التحريك لم يجعل له رزقاً إلا بسعي منه لئلا تتعطل فائدة ما جعل له من قوة التحرك وقد أفاد هذا الخبر أن الاعتبار في تناول الدنيا والاستكثار منها والاستقلال والزهد فيها والرغبة ليس بتناول القليل بل بتناولها من حيث ما يجب ووضعها كما يجب، قال علي كرم اللّه وجهه‏:‏ لو أخذ رجل جميع ما في الأرض وأراد به وجه اللّه سمى زاهداً ولو ترك جميع ما فيها ولم يرد بتركه وجه اللّه لم يسم زاهداً ولا كان للّه في ذلك عابداً فليكن أخذك ما تأخذه وتركك ما تتركه للّه لا لغيره‏.‏

- ‏(‏طب عن واثلة بن الأسقع‏)‏‏.‏

3815 - ‏(‏الحزم‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ هو ضبط الأمر واتقانه والحذر من قوته وقال الطيبي‏:‏ ضبط الإنسان أموره وأخذه بالتقية ‏(‏سوء الظن‏)‏ بمن يخاف شره يعني لا تثقوا بكل أحد فإنه أسلم والحزم والحزامة جودة الرأي في الحذر قالوا‏:‏ وذوي الحجى والنهى يرجح جانب الحزم في كل شيء لأن من وقع حول الحمى يوشك أن يقع فيه وعليه معظم أساس قاعدة العارفين في معاملتهم للنفس الأمارة ومعظم مكائد الحروب قال الطيبي‏:‏ ولو لم يكن للحازم سوى قوله تعالى ‏{‏من خشي الرحمن بالغيب‏}‏ لكفى يعني بلغ من حزمه أنه يخاف من هو واسع الرحمة جداً فكيف خشيته من وصف بالقهارية‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في الثواب عن علي،‏)‏ أمير المؤمنين ورواه عنه الديلمي أيضاً ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن عبد الرحمن بن عائد‏)‏ بمثناة تحتية ومعجمة قال العامري في شرحه‏:‏ صحيح وأقول‏:‏ فيه علي بن الحسن بن بندار قال الذهبي في ذيل الضعفاء‏:‏ اتهمه ابن طاهر أي بالوضع وبقية وقد مر ضعفه والوليد بن كامل قال في الميزان‏:‏ ضعفه أبو حاتم والأزدي وقال البخاري‏:‏ عنده عجائب وساق هذا الحديث منها‏.‏